العدالة تحت نير حكم طالبان؛ محاكم ميدانية وتزايد الإعدامات خارج نطاق القضاء
Share
أُتهمت جماعة طالبان منذ سيطرتها على الحكم في أفغانستان ولحد الان مرارا بارتكاب تجاوزات واتباع أساليب خارج نطاق القانون في مجال تطبيق العدالة في أجهزتها العدلية والقضائية.
وقالت منظمة العفو الدولية في أحدث تقرير لها إن “الإعدامات خارج نطاق القضاء” في أفغانستان الخاضعة لسلطة طالبان تُنفذ “بصورة واسعة وممنهجة”.
وجاء في التقرير أن بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) سجلت ما لا يقل عن 237 حالة إعدام “خارج نطاق القضاء” في الفترة من 15 آب/أغسطس 2021 إلى 15 حزيران/يونيو 2022.
وأضاف التقرير الأممي أن المنظمة الدولية سجلت في شهر كانون الأول/ديسمبر 2022 ما لا يقل عن 69 حالة قتل خارج نطاق القانون، استهدفت بشكل رئيسي أعضاء جبهة المقاومة الوطنية و 48 حالة منها حصلت في ولاية بنجشير.
وتابعت أن قوات طالبان داهمت في حزيران/يونيو 2022، منزل أحد قادة الحكومة السابقة في ولاية غور، قتلت خلالها ستة أشخاص من الشيعة الهزارة وهم أربعة رجال وامرأة وفتاة.
وقالت منظمة العفو الدولية إن “الحصانة من العقوبة” لم تكن سائدة إزاء هكذا جرائم في ظل سلطة مجموعة طالبان وأنه لم يتم إجراء “أي تحقيق شفاف” بشأن الإعدامات خارج نطاق القانون و “الانتهاك الصارخ لحقوق الانسان”.
محاكم ميدانية
ومن أبرز حالات انتهاك حقوق الانسان تحت سلطة طالبان، هي إقامة محاكم ميدانية ومعاقبة الأشخاص المتهمين، على الملأ من قبل مجموعة طالبان.
ويرى خبراء القانون أن إقامة المحاكم الميدانية والمعاقبة العلنية للمتهمين بانها “غير إنسانية” وتمثل “سلوكا سافرا خارج نطاق القانون” ويقولون أن “الكرامة الإنسانية” للمتهمين تُسحق في هكذا محاكم.
وكانت مجموعة طالبان في المرة السابقة من سلطتها في أفغانستان، تعاقب المتهمين في المحاكم الميدانية أيضا، ويُشاهد في إحدى الصور المتبقة من تلك الحقبة، أن أفراد هذه المجموعة ينفذون حكم الإعدام بامرأة في استاد رياضي في كابل رميا بالرصاص.
وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، أقامت هذه المجموعة محاكم ميدانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها وأنزلت العقاب بشكل رئيسي ضد النساء بصورة علنية في هذه المحاكم.
لكن ومع عودة هذه المجموعة إلى السلطة في 15 آب/أغسطس 2021 تحولت إقامة المحاكم الميدانية ومعاقبة المتهمين على الملأ إلى أسلوب قضائي مُتبع؛ رغم أنه لا تتوافر أرقام وإحصاءات دقيقة عن عدد الأشخاص الذين عوقبوا في هذه المحاكم وتهمهم ونوع العقوبة التي نُفذت بحقهم.
ويفيد تقرير لمجموعة تطلق على نفسها اسم “Afghan Witness” والتي ترصد الأحداث المتعلقة بحقوق الانسان في أفغانستان، أنه تم معاقبة 34 شخصا على الملأ من قبل مجموعة طالبان في الفترة الواقعة بين تشرين الأول/أكتوبر 2022 حتى اذار/مارس 2023.
وبعد أن التقى الملا هبة الله زعيم مجموعة طالبان قضاة المجموعة في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وإيعازه بتطبيق حكم “الحد والقصاص”، تم تنفيذ أول حالة قصاص على الملأ وبحضور كبار مسؤولي طالبان في 7 كانون الأول/ديسمبر 2022 في استاد رياضي بوسط ولاية فراه جنوبي أفغانستان.
وقال ذبيح الله مجاهد المتحث باسم مجموعة طالبان إن أب المقتول قام خلال هذا القصاص باطلاق ثلاث رصاصات على المتهم من بندقية كلاشينكوف.
انتهاك ممنهج للقوانين وحقوق الانسان
وتفيد منظمة العفو الدولية أن مجموعة طالبان انتهكت القوانين وحقوق الانسان “بصورة ممنهجة” منذ سيطرتها على أفغانستان وإلى الان.
وفي ظل تقارير العفو الدولية، فأن مجموعة طالبان انتهكت القوانين على ما يبدو بهدف “الثأر والانتقام” وسحقت بذلك الكرامة الانسانية وحقوق الانسان.
وقالت منظمة العفو الدولية إن ضحايا إجراءات مجموعة طالبان خارج نطاق القانون، تستهدف بشكل رئيسي الأشخاص المرتبطين بالحكومة الأفغانية السابقة وأعضاء المجموعات المسلحة المعارضة لطالبان بما فيها “جبهة المقاومة الوطنية” وفرع خراسان لتنظيم داعش والأشخاص الذين لا يمتثلون لقوانين وتعليمات هذه المجموعة.
وكانت طالبان قد أتهمت في وقت سابق ومرارا من قبل المواطنين الأفغان بتنفيذ أعمال “الثأر والانتقام” ومن أنها تقوم بتقتيل أشخاص من العرقيات الأفغانية من غير البشتون وأعضاء الحكومة السابقة “بقصد الانتقام والثأر”.
وفضلا عن ذلك، تشير التقارير إلى أن المتهمين في المؤسسات القضائية لمجموعة طالبان، لا يمكنهم الحصول على محامٍ والتمتع بحق الدفاع القانوني عن أنفسهم، ويتم طي ملفهم من دون أن تأخذ العدالة والإجراءات القانونية مجراها.
وأدت إقامة المحاكم الميدانية والانتهاك الممنهج للقوانين وحقوق الانسان إلى إن تمر أفغانستان بـ”أزمة حقوق انسانية” وأن تزداد المخاوف والهواجس من تحول انتهاك حقوق الانسان وحقوق المواطنة إلى مسالة طبيعية.