مع إغلاق المدارس والمكوث مطوَّلاً في المنازل: الأساليب الصحيحة للتعاطي مع الأطفال في زمن كورونا
مع تفشي وباء كورونا في اليمن ودول العالم وما فرضه هذا التفشي والانتشار من تحديات أمام الدول والمجتمعات على كافة مناحي الحياة برزت إلى السطح العديد من الإشكاليات المجتمعية الجديدة وغير المألوفة من قبل للأسر والعائلات، وهنا نتحدث تحديدا عن فئة الأطفال وكيف يمكن التعاطي معهم في ظل التعليمات والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الجهات المختصة للوقاية من الإصابة والحد من انتشار الوباء.
الأسرة/ زهور عبدالله
يؤكد المختصون الاجتماعيون أن فترة البقاء في المنازل وفقا لنصائح الأجهزة الصحية برفقة الأطفال تعد فرصة مناسبة للاقتراب أكثر من الطفل والتعرف على مشاكله وتطلعاته وهمومه، ناهيك عن اتخاذ الطرق المثلى والمناسبة لتعريفه بمخاطر المرض وإرشاده إلى أفضل الوسائل لتجنبه وذلك وفق طرق تربوية معتدلة تجعله يدرك الحقائق دون تهويلات أو مبالغات ربما تنعكس سلبا على نفسيته وبالتالي يحدث التأثير العكسي على حياته ومستقبله.
مسؤوليات مضاعفة
قرار إغلاق المدارس وبقاء ملايين الأطفال خارج نطاق مؤسسات التعليم يلقي بمسؤوليات مضاعفة على عاتق الأسرة والأمهات تحديدا وعليهن -كما يقول المختصون- إلا يجعلو أولادهن بعيدين كليا عن أجواء التعليم والتحصيل المعرفي، وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” في إحدى احصائياتها الحديثة بان الوباء تسبب في حرمان أكثر من 850مليون طفل حول العالم من التعليم.
هذه الحقيقة الناجمة عن انتشار فيروس كورونا حول العالم أنتجت تحديات استثنائية أمام الأسر والعائلات سيما فيما يتعلق بالجوانب العلمية والتربوية والصحية للتعامل مع الأطفال في هذا الظرف الاستثنائي الصعب .
إرشادات ونصائح
في هذه الظروف الاستثنائية التي تعيشها الدول والمجتمعات ومنها المجتمع اليمني يجب على الأمهات وأولياء الأمور أن يلتزموا بتوضيح الأمر لأطفالهم عن مخاطر المرض وكل ما يتعلق بتداعياته وفق إرشادات تربوية متقدمة.
وعلى الرغم من أن الفيروس غالبا لا يصيب الأطفال ولا يتسبب في وفاتهم -كما تشير إلى ذلك الدراسات والمسوحات الميدانية إلا في حالات نادرة وضئيلة جدا بسبب المناعة القوية التي يمتلكها الأطفال كونهم يتمتعون بجهاز مناعي سليم خال من الأمراض، ويتعرضون لمستويات أقل من التلوث مقارنة بالبالغين وكبار السن- إلا أن المختصين والأطباء يشددون على ضرورة أن يقوم الآباء والأمهات بتعريف أطفالهم بالفيروس وأن يكونوا على معرفة قدر الإمكان لشرح كيفية الوقاية.
وفي حالة إصابة الطفل بفيروس كورونا يُنصح الآباء والأمهات بعدم المبالغة في التخوف من أي خطر على صحتهم.
ويؤكد الأطباء أن مدة الشفاء من الفيروس تتراوح من 10 إلى 14 يوماً ويمكن عزل الطفل في غرفته داخل المنزل مع حفاظ الأهل على صحتهم باللباس المخصص حتى لا تنتقل إليهم العدوى، أما في حال كان الطفل يعاني من مرض مزمن مثل صعوبة التنفس فيجب اللجوء إلى المستشفى فوراً.
تمتين العلاقة الأسرية
هناك الكثير من المبادرات العالمية التي انطلقت في هذه الفترة لتشجيع الأطفال على البقاء في المنازل، وفي إحدى المبادرات العالمية التي تمّ إطلاقها لتشجيع الأطفال على تقبل البقاء في المنزل عبر إتاحة قراءات قصصية.
جمالية هذه المبادرة تكمن في التشجيع على إخراج فنّ حكاية القصة الخاص من كل إنسان، إضافة إلى تفعيل القصص، وتأصيل أهمية وجودها كإحدى عوامل الصمود الإنساني، ووسيلة من وسال تطويع الوقت واستهلاكه في مسار آمن وواعد، على صعد مختلفة، منها تمتين العلاقة الأسرية عبر الحكاية.
المحافظة على ايجابيتنا
وتقول إيناس عبدالحليم -مدربة تربية إيجابية: من الممكن أن نحافظ على إيجابيتنا في ظروف الحجر باتباع بعض النصائح مثلا نخصص وقتاً خاص للراحة.
أيضاً ممارسة الرياضة والحركة ولو 10 دقائق في اليوم، الحركة بركة وهرمونات السعادة وجلسة البيت تحتاج رياضة، ونلعب مع الأولاد ألعاب مسيلة لأولادنا ولنا.
أيضاً مشاهدة فيلم عائلي مثلاً، كما لا ننسى أن نتقبل انه وضع مؤقت والقوانين تختلف من مجتمع لآخر لتخفيف الضغط على الأطفال، نحتاج إلى أن نكون أكثر مرونة ومرحاً حتى تمر الأوقات الصعبة.
أيضا نقرأ قصص زمان ونعيد ألعاب زمان وهوايات، نعيش الأشياء اللي كانت يوماً ما تفرحنا ولا ينسى الوالدان احتضان الأبناء فالأحضان مفعولها سحري على الأطفال وعلينا بترتيب البيت أو نغير ترتيبه ونعمل الأشياء المؤجلة فيه، البيت النظيف دائماً مصدر طاقة إيجابية.
وأهم شيء الإكثار من الدعاء والتقرب إلى الله بالنوافل وقراءة القرآن ويكون وقت العبادة كفاصل وفي نفس الوقت تفريغ لكل الضغوط والشحنات، نعقلها ونتوكل على الله.
أهمية المشاعر الإيجابية
وتقول آزال الثور- مدربة تربية إيجابية واستشارية تحفيز: في زمن الكورونا والحظر الصحي نحن بحاجة للتركيز على أهمية المشاعر الإيجابية وفوائدها العلاجية، حيث تراكمت الشواهد التي تثبت أن تأثير الغضب والقلق والاكتئاب يؤثر على الصحة النفسية والجسدية للإنسان.
حتى أصبحت موضع اهتمام كبير، فالقلق والغضب المزمنان يمكن أن يعرضا الإنسان لمجموعة من الأمراض بينما الاكتئاب قلبي يعوق الشفاء منها .
وإذا كانت الهموم العاطفية المزمنة تسمم الحياة وتتخذ أشكالا عدة يترتب عليها عدد من الانفعالات السامة، فإن العاطفة الإيجابية من جهة أخرى تساعد على الشفاء من الأمراض.
فالضحك والسعادة يمكن أن يغير مجرى العديد من الأمراض، وقد يبدو للبعض أن التأثير الذي تحدثه العواطف تأثير بسيط، لكننا نكتشف من خلال الدراسات التي أجريت على أعداد كبيرة من الناس قدراً لا يستهان به من المتغيرات التي تؤثر إيجابياً في مسار الأمراض.
لا أنكر أن الظروف التي نمر بها تجعل من الصعب تجاهلها والبحث عن السعادة فقط لكن من الخطأ تجاهل العديد من النعم في حياتنا وإهمالها دون وعي والتركيز على سلبيات حياتنا فقط، فما الحل؟
برمجنا عقولنا من فترة طويلة على التركيز على سلبيات حياتنا .. التركيز على النواقص، على الأخطاء، على الشوائب برغم ما فيها من نعم وجمال إلا أننا تعودنا على رؤية النقص وإهمال الجوانب الإيجابية فيها.. قيل إن الإنسان يفكر بخمسة آلاف فكرة في اليوم تقريباً، معظمها أفكار سلبية وهذه الأفكار تنعكس سلبا على مشاعرنا وردود أفعالنا “فما نفكر به نحصده”.
كي نغير من برمجة عقولنا ونظرتنا السلبية إليكم أحد الحلول العملية والتي جربتها بنفسي وهي التطبيق ولو بخطوات صغيرة فالخطوات الصغيرة تقود إلى تغيرات حقيقية:
قد تكون مثلاً كتابة قائمة لإيجابيات أطفالي أو بالبحث عن شيء أسعدني خلال اليوم مهما كان صغيراً، أو أي عمل يدخل السعادة والابتسامة لإنسان آخر ولو بكلمة، وكذلك قد تكون بتغيير بسيط أدخله في حياتي (الالتزام بصلاة الضحى أو بالورد اليومي أو الرياضة أو المشي)، والتركيز على تفاصيل اللحظة التي أعيشها (كلمات أطفالي ابتساماتهم الاستمتاع بكوب القهوة أو حتى القدرة على التنفس والتي يفتقد لها كثيرون) والامتنان والتدريب على التفكير بالنعم قد لا يكون سهلاً لكنه ممكن وتأثيره ملموس، وها أنا دائماً واشكر الله على نعمة العافية ووجودي بقرب أطفالياً.
المشاركة الفعّالة
الفريد ادلر مؤسس التربية الإيجابية بيقول إن مفتاح صحة الطفل النفسية وتقدير الذات والشعور بالقدرة والاستطاعة عند الأطفال تبدأ عندما نسمح للأطفال بالمشاركة الفعالة في البيت، والكثير من الدراسات تقول إن المهام المنزلية هي أهم من الدرجات الدراسية للصحة النفسية وبالتالي النجاح في حياته.
وتقول استشارية التحفيز آزال الثور: الأطفال بفطرتهم يحبون التعاون جدا ويكونون سعداء عندما يشعروا باننا محتاجين مساعدتهم .
نحن من غير أن نقصد نؤذي أطفالنا عندما لا نسمح لهم يجربوا وينجحوا ويشعروا بالإنجاز أو حتى عندما يفشلون ونشجعهم ليتعلموا من أخطائهم.
عندما نعمل للأطفال كل حاجة هم قادرون على فعلها بأنفسهم بحُجَّة (أنا أم حنونة) نحن نحرمهم من الإحساس بالاستطاعة والقدرة وممكن يقرر عن نفسه (انه غير قادر لوحده ومحتاج مساعدة، أو أن الحب يعني أن يفعل لي الآخرون كل ما أريده) وبعدها لنشكو لماذا أطفالنا غير مسؤولين ومعتمدين على الآخرين دائما؟ !!