verticalelllllan
verticalelllllan

الذكاء الاصطناعي قد يساهم في تقليص أيام الدوام أسبوعياً إلى 4!

وقع علماء وخبراء ذكاء اصطناعي ورجال أعمال في مجال التكنولوجيا رسالة مفتوحة تدعو إلى إيقاف لمدة 6 شهور على الأقل لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الأكثر قوة من النموذج اللغوي (GPT-4) ، الذي يعتمد عليه برنامج المحادثة الأشهر حالياً شات جي بي تي ، والذي أطلقته شركة (OpenAI) الأمريكية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبرّر الموقعون دعوتهم بالحاجة لدراسة مخاطر هذه التقنيات، خاصة التنافس مع البشر في مجموعة متزايدة من المهام، ونشر المعلومات المضللة، والاحتمال البعيد أن تحل هذه الأنظمة محل البشر وتعيد تشكيل الحضارة.

في منتصف مارس/آذار،أعلنت شركة “OpenAI” عن الجيل الرابع (GPT-4)، والذي من المتوقع أن يسرّع طفرة قدرات منصات الذكاء الاصطناعي؛ لأنه يقدم نموذجاً متعدد الإمكانات “Multi-Modal LLM”، ويقبل مدخلات في هيئة نصوص وصور، مقارنة بالجيل السابق (GPT-3.5)، الذي اقتصر على استخدام النصوص.

وقالت الشركة إن (GPT-4) هو “نموذج رائع”، أقل مهارة من البشر في العديد من سيناريوهات الحياة الواقعية، ولكنه مثل البشر في أداء مهام مهنية وأكاديمية، حيث يمكنه اجتياز الامتحان ليصبح محامياً محققاً بدرجة أعلى 10% من الناجحين.

ويقول تقرير موقع  أسباب ، إنه بالرغم من أهمية الرسالة، فإن هذه الدعوة ليست إلا جرس إنذار مما هو قادم، من المشكوك فيه أن تتحول إلى دعوة عملية في ظل السباق بين شركات التكنولوجيا الأمريكية (OpenAI-Microsoft-Google)، كما أن وجود منافسين محتملين مثل إيلون ماسك والمؤسس المشارك في شركة أبل، ستيف وزنياك، بين الموقعين على الرسالة، أثار الشكوك حول سعي بعض شركات التكنولوجيا لتعطيل شركة (OpenAI)، التي تعمل بالفعل حالياً على تطوير الجيل الخامس (GPT-5)، بهدف اللحاق بها.

أثار إطلاق برنامج المحادثات (ChatGPT) المخاوف القديمة المتعلقة بتأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، حيث تبدو التخوفات من الآثار المترتبة عن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي منطقية.

إذ إن (ChatGPT) والبرامج المماثلة ليست قادرة على أداء مهام روتينية فحسب، لكنها تؤدي مهام تتطلب امتلاك المعرفة والقدرة على استدعائها بشكل تفاعلي ومنطقي، وتقديم إجابات متعمقة لمجموعة من الأسئلة المعقدة، وإجراء محادثات هادفة، وهي أمور ظلت فعلاً بشرياً رغم التطور التكنولوجي خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وهذا يعني أن مزيداً من الوظائف التي تعتمد على المعرفة مثل المبرمجين والكتاب والمعلمين، وغيرها، أصبح من الممكن تهديدها بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

وهكذا يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تحفز الاستقطاب السياسي والاجتماعي، وأن تُفاقم تحديات مجتمعية، مثل عدم المساواة في الأجور وفجوات الثروة وانتشار البطالة. وقد قدرت ورقة بحثية لبنك Goldman Sachs أن 300 مليون وظيفة حول العالم يمكن الاستغناء عنها واستبدالها بـ(ChatGPT)، وهي أمور يمكن أن تتسبب في تنامي الاضطرابات الاجتماعية، فضلاً عن تمكين الأحزاب اليمينية المتشددة من اكتساب مزيد من الجاذبية.

ومع ذلك، يمكن النظر إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي من زاوية أخرى إيجابية، فغالباً ما تخلق التطورات التقنية الجديدة فرص عمل وصناعات لم تكن موجودة مسبقاً، الأمر الذي يجعل من المبكر حسم التوقعات المتعلقة بتأثير ثورة الذكاء الاصطناعي الأخيرة (ChatGPT) على سوق العمل بدقة.

من زاوية التنافس الدولي المحتدم بين واشنطن وبكين، وجهود واشنطن للإبقاء على هيمنتها التكنولوجية الدولية، يقول موقع أسباب إنه لا يمكن تجاهل أن شركة (OpenAI) المطورة لـ(ChatGPT) هي شركة أمريكية، لذلك دخلت الشركات الصينية سريعاً في السباق، حيث أطلقت شركةBaidu  الصينية نموذج المحادثة الخاص بها، مع خدمات تماثل (ChatGPT)، في مارس/آذار الماضي.

وهذا يشير بوضوح إلى ساحة تنافس تكنولوجي جديدة بين واشنطن وبكين كما هو الحال في المنافسة على أشباه الموصلات ، ومن المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة جهودها لمنع هيمنة الشركات الصينية على أي من هذه المجالات التي ستكون لها تأثيرات جيوسياسية عميقة.

يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تجعل حملات المعلومات المضللة أكثر انتشاراً وواقعية من أي وقت مضى، وبالنظر إلى استهداف الناخبين في أكثر من مكان حول العالم بحملات مضللة، والاتهامات الغربية لروسيا بنشر حجم هائل من المعلومات المضللة، في سياق الحرب الروسية الأوكرانية، فإن احتمالات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء الحملات المضللة سيكون أحد مصادر قلق الحكومات، وأحد أدوات الصراع بين الدول.

ليست هذه المرة الأولى التي تعيد فيها طفرات التكنولوجيا تعريف الجغرافيا السياسية للعالم، فقد أسهمت طفرة التكنولوجيا بالنصف الثاني من القرن الثامن عشر في بروز قوى صناعية استعمارية غنية، ونتج عن طفرة التقنيات العسكرية لاحقاً تغير معنى الحرب ونمطها وإمكانية حدوثها.

التقنيات التي تبدو الآن عادية مثل محرك القطارات والسيارات، أحدثت ثورة في مفهوم المسافة في الماضي، وفي الحاضر غيرت ثورة الاتصالات مفهوم الزمان والمكان بصورة ستغدو للأجيال القريبة القادمة بديهية.

ومهما قد تبدو تكنولوجيا معينة خطرة ومهددة في لحظة صعودها، فإنها مع الوقت تتقادم، وتصبح واحدة من مكونات الحضارة، لذلك قد تعيد طفرة الذكاء الاصطناعي تعريف بعض جوانب عالمنا، لكنّها لن تلبث أن تصبح مجرد أداة في تحسين جودة الحياة، والصراع بين الدول، والتدافع بين المجتمعات والأفراد من جهة، والجهات الساعية للهيمنة، سواء أكانت الحكومات أو قوى السوق من جهة أخرى.

قد يعجبك ايضا