verticalelllllan
verticalelllllan

آلاف قضايا العقارات تملأ المحاكم طرفاها المؤجر والمستأجر

الشاب عمران أصبح على بعد شهرين من الفرحة الكبرى وإكمال نصف دينه ، لكن العقبة الكؤود التي تقف أمامه حصوله على شقة يستأجرها وتلم أسرته الصغيرة، بعد كل هذه الترتيبات يقول عمران الحمادي كاتب صحفي، دفعت لصاحب البيت مقدم إيجار سنة كاملة لشقة صغيرة إلا أن المؤجر أخذ الفلوس على أساس إكمال إصلاح الشقة وتسليمها وبعد مرور شهر حسب الاتفاق رفض إكمال عقد الإيجار مطالبا بزيادة في الإيجار – قبل أن اتسلمها منه – عن مبلغ الإيجار المتفق عليه وقبل أن أسكن فيها ويشترط تقديم ضمانة ملزمة بسداد إيجار الشقة أولا بأول ، وبعد شريعة مع المؤجر في قسم الشرطة أعاد لي ثلث المبلغ وتقسيط ثلثي المبلغ على مدى أربعة أشهر وتم إعفاؤه من شهرين وفقا لصلح الوسطاء والمصلحين بينهما .. هذه قصة من إجمالي مئات القصص التي تدور شهريا وربما يوميا بين المؤجر والمستأجر..
مؤخرا صادق مجلس النواب على قانون تنظيم علاقة المؤجر والمستأجر.. فهل يحل هذا القانون بعد تعديله وصدوره مشاكل وقضايا الإيجارات وحالة العداء والتنافر بين المؤجر والمستأجر وتسود هذه العلاقة مستقبلا الوئام والمحبة والألفة ؟
حيث كان قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر رقم (٢٢) لسنة ٢٠٠٦م النافذ يعاني من اختلال ما أدى إلى تعديله.
“الثورة” ناقشت هذه القضية وغاصت في تفاصيلها وأسبابها وكذا الإجابة عن سؤال هذا التحقيق الذي نسرد تفاصيله في السياق التالي :

 محمد العزيزي – إسكندر المريسي

رفع الإيجارات
كنا متجهين إلى محكمة شمال الأمانة لنعرف مستوى وعدد القضايا التي قيدتها سجلات المحكمة، وهناك عند طارود المحكمة التقينا بالصحفي عبدالله الكبسي وهو يمثل أمام المحكمة بسبب خلاف مع وكيل المؤجر حول رفع إيجار الشقة التي يسكنها ويطالبه بمتأخرات الإيجارات .. يقول الكبسي : ١٤ عاما وأنا أسكن هذه الشقة ولكن لظروف الحرب والعدوان توقفت الرواتب والأمور الاقتصادية قلت وتراكمت بعض الإيجارات وأيضا مطالبة وكيل المؤجر بإخلاء الشقة وكما ترى نحن أمام المحكمة.
بحثا عن زيادة الإيجار
عبدالحميد المخلافي هو الآخر يمثل أمام المحكمة لنفس الأمر، يقول المخلافي: يطلب المؤجر مني إخلاء الشقة رغم أني مسدد كل الإيجارات، وكما تعلم الإيجارات ارتفعت بشكل جنوني وفي حال خروجي لن أجد شقة لأسرتي ، وتحدث المخلافي قائلاً: إن السبب هو رغبة المؤجر بتأجيرها لشخص آخر بمبلغ كبير رغم أني رفعت له مبلغ الإيجار لكنه لم يقتنع ومصر على خروجي وننتظر ما ستقرره المحكمة.
مواطن آخر يدعى أمين دحان يقول : لن ينضبط المؤجرون بالقانون وستظل المشاكل كما هي ، لأن ثقافة الجشع وارتفاع سعر الإيجارات بشكل جنوني وعدم توفر شقق للإيجار , كانت كل تلك العوامل هي السبب الرئيسي وراء اكتظاظ المحاكم بقضايا الإيجارات.
اعتداء وملاحقات
امتلاء أقسام الشرطة بحوادث الاعتداءات والخلافات بين المؤجر والمستأجر كانت قد وصلت حد الذروة مما استدعى قيادة الدولة العليا إلى التعجيل بإحالة القانون الجديد إلى مجلس النواب الذي أقره مؤخرا.ِ
40 – 60 قضية
تؤكد الإحصائيات أن المحاكم في عموم محافظات الجمهورية استقبلت آلاف القضايا حول النزاعات بين المؤجر والمستأجر حتى أن الأمر وصل إلى مستوى المدن الثانوية وليس عواصم المدن اليمنية فحسب.
عند دخولنا محكمة شمال الأمانة لهذا الغرض وتوجهنا نحو قلم الكتاب وأمناء السر, أكدوا لنا أن ما يقارب 40 إلى 60 قضية نظرت فيها المحكمة خلال الفترة الماضية من العام الجاري ِ
مائة قضية
التقينا مسؤول القضايا الواردة في قلم الكتاب الأمناء في محكمة غرب الأمانة الذي قال، إن المحكمة استقبلت خلال الفترة المنصرمة من العام الحالي أكثر من مائة قضية حول قضايا الإيجارات وبين المؤجر والمستأجر وأن قضايا الإيجارات ليست خاصة بالشقق السكنية بل إيجارات المحلات التجارية والنفعية والأحواش والمطاعم والهناجر وغيرها من إيجارات العين المؤجرة .
جشع المؤجر
وأرجع مسؤول القضايا الواردة بالمحكمة السبب وراء هذه القضايا إلى عدم قدرة المستأجر من سداد إيجارات العين المؤجرة للمؤجر, والبعض مرتبطة أو تتعلق بجشع المؤجر نفسه، فهو يسعى لإخراج المستأجر بحثا عن زيادة كبيرة في الإيجار لا يستطيع المستأجر دفعها وإن قبل بزيادة الإيجار فهي لا ترضي المؤجر خاصة مع الارتفاع الجنوني لسعر السكن أو الشقق, بالإضافة إلى وجود مستأجرين متجبرين يكون المؤجر ضحية للمستأجر الذي لا يدفع الإيجارات لسنوات متحججا بالظروف التي تعاني منها البلاد .
لا يكاد يمضي يوم دون شكوى
يقول الملازم محمد مفرح، يعمل بقسم الشرطة: إن قسم الشرطة الذي يعمل فيه لا يكاد يمر يوم إلا وهناك شكوى أو اثنتان بين المؤجر والمستأجر وأحيانا كثيرة تصل حد الاشتباكات والاعتداء بين طرفي المشكلة وتتطور إلى قضايا كبيرة وتحال إلى النيابة والمحكمة، طبعا هذه الشكوى قبل التوجيهات الأخيرة .
توجيهات الوزير قللت منها
ويضيف الملازم مفرح أن وزير الداخلية اللواء عبدالكريم الحوثي وجه كل أقسام الشرطة بالعاصمة والمحافظات بعدم قبول أي شكوى في قضايا الإيجارات كونها قضايا مدنية وهي من اختصاص المحكمة وعلى الشاكي أو المتضرر التوجه مباشرة إلى القضاء ِ
ولفت الملازم محمد مفرح إلى أن كل أقسام الشرطة ملتزمون بتوجيهات الأخ وزير الداخلية ولا نستقبل أي شكوى من هذا القبيل إلا في القضايا التي يحدث فيها اعتداء أو عمل جنائي فقط. ِ
الحل بالمدن السكنية
يقول عاقل حارة الداخلية بأمانة العاصمة إن مشاكل المؤجر والمستأجر لا تتوقف والخلافات حول زيادة الإيجارات وإخلاء العين المؤجرة أساس تلك المشاكل, ويؤكد العاقل راجح أنه لا يمر أسبوع إلا وتحدث مشكلة في نطاق الحي الذي يشرف عليه. . وقال : نحاول حل الخلاف بين المؤجر والمستأجر بما يرضي الله والطرفين.
لكن العاقل حسين راجح يرى أن القانون الخاص بالمؤجر والمستأجر في حال صدوره وتطبيقه سوف يحد من كل هذه المشاكل التي أصبحت تورق ليس المحاكم وأقسام الشرطة وعقال الحارات فحسب بل أصبحت تشكل كابوساً للمؤجر والمستأجر والسلطة العليا للدولة.. وهذا الحال موجود في كل الحارات والمدن والمحافظات والحل يتمثل في إنشاء مدن سكنية كبرى تلم الموظفين والعمال وأصحاب ذوي الدخل المحدود .
ستظل قائمة
ويرى محامون كثر أن القانون المعدل جيد وله إيجابيات لكنه لن يحل المشكلة بشكل نهائي كون المشكلة مركبة لكون البلاد تمر بحالة عدوان وحرب وظروف اقتصادية قاهرة ناهيك عن انقطاع الرواتب للقطاعين الخاص والحكومي بالإضافة إلى عوامل أخرى, حل هذه المعضلة يكمن في زوال تلك العوامل آنفة الذكر مع وجود توجه لإنشاء مدن سكنية كبيرة بالتشارك مع الحكومة والقطاع الخاص والمستثمرين , كما يقول المستشار القانوني المحامي محمد لقمان .. ويضيف: مشكلة العلاقة المتأزمة بين المؤجر والمستأجر لا تعود أسبابها إلى قصور أو نقص في النصوص القانونية المنظمة لها بل في الوضع الاستثنائي الذي طرأ على البلاد بوقوع الحرب والنزوح.
ويؤكد المستشار القانوني لقمان أن التعديلات للقانون هي بالمجمل جيدة ولكنها لن تحلها وأيضا التعديلات لمواد القانون مهما أسهبت في التفاصيل إلا أنها لن تنهيها, لأن المشاكل المتصاعدة بين المستأجرين والمؤجرين إنما هي عارض من أعراض أزمة السكن وزيادة الطلب على العرض في هذه الخدمة وهذه المشكلة أو أزمة السكن ليست وليدة اليوم وإنما هي حصاد سياسة فاشلة للحكومات السابقة على مدى عقود، حيث أن قضية الإسكان ومعضلتها لم تكن في حسبان أو خطط تلك الحكومات والسلطات على الاطلاق، بل كانت سياسة الدولة تعقيد ومضاعفة المشكلة عدا فترة الرئيس الحمدي الذي تبنى معالجتها من خلال الجمعيات السكنية ولهذا فإن مشاكل الإيجارات يجب معالجتها بنظرة شاملة وعميقة كجزء من المشكلة السكنية التي ما يزال دور الدولة فيها غائبا تماما.
ليست قانونية فقط
المحامي عبدالسلام الزمر يخالف رأي أسلافه من المحامين وأعضاء مجلس النواب الذين ناقشناهم حول القانون، فهو يرى أن التعديلات الجديدة أو المواد القانونية المضافة على قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر هي مواد تتضمن أحكاماً تنظيمية فقط لهذه العلاقة، ويقول مشكلة الإيجارات ستظل قائمة وهذه الإضافات القانونية لن تحل المشكلة بشكل جذري لأن المشكلة ليست قانونية وحسب بل اقتصادية خاصة في ظل ضعف الدخل لدى المواطن سواء مؤجر أو مستأجر .
ويؤكد المحامي الزمر أن المستأجر لن يحصل على بيت للإيجار من خلال هذه الإضافات نظرا للخوف الذي فرضته هذه الإضافات على نفوس المؤجرين أو أصحاب العقارات ، وبالتالي فإن هذه الإضافات باعتقادي الشخصية لم تكن منصفة باعتبار المواد المضافة متطرفة نوعا ما لصالح المستأجر وعلى عكس ما كان في القانون السابق من تطرف لصالح المؤجر قبل هذه الإضافات.
تأثيرات نفسية مؤلمة
من جهته يرى الدكتور عبده محسن الشليلي أخصائي أمراض نفسية واجتماعية أن ظاهرة طرد المستأجرين من سكنهم للبحث عن سكن جديد تعد من الظواهر المؤلمة التي تؤثر على رب الأسرة وعائلته من الناحية المادية والنفسية والاجتماعية، أما الآثار النفسية التي يتأثر بها المستأجر فتتمثل في القلق والخوف والاكتئاب النفسي عندما يأتي آخر الشهر ولم يدبر الإيجار في ظل العدوان وانقطاع الرواتب .
ويقول الدكتور الشليلي أن أبناء المستأجرين يتأثرون نفسيا عندما يتنقلون من حارة إلى أخرى ويفقدون أصدقاءهم ويتم نقل ملفاتهم الدراسية من مدرسة إلى أخرى بالإضافة إلى تدهور العلاقات الاجتماعية شبه الممزقة بين المستأجرين وملاك البيوت وهذا يحدث شرخاً اجتماعياً كبيراً ولا ينمي روح الأخوة والتآلف والوطنية بين الناس، هذه آثار بطبيعة الحال مدمرة نفسيا واجتماعياً تتطلب وضع قانون عادل يضمن حق المؤجر والمستأجر.
ما هو جديد القانون ؟
وفي سياق هذا التحقيق حصلنا على مسودة هذا القانون الذي أنزلته لجنة تقنين الشريعة الإسلامية بمجلس النواب إلى قاعة المجلس للتصويت عليه وكانت على النحو التالي:
بشأن المادة (٩٩) مكرر (١) رأت اللجنة صياغتها بحيث تكون برقم (٨٨) مكرر .
المبرر: وضع المادة في إطار الفرع الثالث من القانون المتعلق بتنظيم طلب الإخلاء للهدم الكلي أو الجزئي أو الترميم أو الصيانة موضعها الطبيعي الفصل الأول المتعلق بأحكام إنهاء عقد الإيجار وبرقم (٨٨) مكرر.
اما المادة (٩٩) مكرر (٢) فقد أقرت اللجنة حذفها والمبرر أنها مستوعبة في المادة (١٠٣) من القانون النافذ ولا يجوز وضع عقوبتين على مجرم واحد.
وبخصوص المادة (٩٩) مكرر (٤) أقرت اللجنة صياغتها على النحو التالي:
مادة (٩٩) مكرر (٤) : تنظر المحاكم الابتدائية في أمانة العاصمة وعموم المحافظات في المنازعات الايجارية على وجه الاستعجال والمبرر بحسب اللجنة : كون المادة تتضمن تحديد قاض في كل محكمة ابتدائية للنظر والبت في قضايا الإيجار وعلى وجه الاستعجال ، بينما المحاكم الابتدائية ذات ولاية عامة للنظر في جميع القضايا وبإمكان رئيس المحكمة تحديد قاض لمنازعات الإيجارات بدون أن يقتضي ذلك نص القانون.
كما رأت اللجنة إضافة مادتين جديدتين بعد المادة (٩٩) مكرر (٤) ونصهما كما يلي:
مادة مضافة (١) : إذا انتهى عقد الإيجار وثبت احتياج المالك المؤجر للعقار لاستخدامه بحيث لم يعد العقار معدا للإيجار فله أن يطلب من المستأجر الإخلاء وتسليم العقار وفي حال ثبوت العكس وأن العقار معد للإيجار فالأولوية للمستأجر .
مادة مضافة (٢) : إذا لم تحدد المدة والاجرة في عقد الايجار فيعتبر العقد باطلا ومع ذلك إذا مكن المؤجر المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة فيلزم المستأجر بأجرة المثل .
القانون راعى الإيجارات في الحرب
وزير الشؤون القانونية الدكتور إسماعيل المحاقري يقول: إن الحاجة لمواجهة تزايد مشاكل وقضايا الإيجارات وبناء على التوجيهات الرئاسة، قامت الوزارة بتعديل بعض مواد القانون في ما يتعلق بالمؤجر والمستأجر.
وقال الدكتور المحاقري: قمنا بإعداد مشروع يعالج قانون المؤجر والمستأجر في الظروف الخاصة والحالية لليمن كونه عالج الطرد التعسفي في ظل الحرب.
ويؤكد الوزير المحاقري أن المكسب في القانون أنه راعى في حالة الظروف الخاصة أنه لا يجوز للمؤجر إخلاء العين المؤجرة إذا كان المستأجر بمقدوره تقديم الضمانات اللازمة للوفاء بالتزاماته تجاه المؤجر وأن التمديد القانوني يسري في حالة انتهاء المدة، فالأولوية للمستأجر إذا لم يكن المؤجر في حاجة لبيته أو عقاره وأن تنفيذ القانون سيكون ساريا فور موافقة رئيس المجلس السياسي الأعلى عليه .
البناء الرأسي
أخيرا.. سواء صدر القانون الذي ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أو لم يصدر, قلل من هذه المعضلة أم لا. .ِ فإن مشكلة الإيجارات ستظل قائمة لأن المشكلة تكمن في شحة وعدم توفر السكن وتزايد حالات النزوح وزيادة الإقبال على السكن وارتفاع سعر الإيجارات للشقق دون ضوابط قانونية صارمة. . وكما أكد البعض فإن حل هذه المشكلة والمعضلة يتمثل في إيجاد المدن السكنية وزيادة الاستثمار فيها خاصة تلك التي تقوم على البناء الرأسي أو في إنشاء بنك للإقراض ومساهمة الدولة والقطاع الخاص في إيجاد المدن السكنية الرأسية.
كنا نود أن نثري هذا التحقيق باستطلاع آراء أعضاء مجلس النواب حول التعديلات التي تم إقرارها على القانون ومدى نجاحها في حل المشكلة، لكن للأسف لم نتمكن من دخول المجلس رغم تحرير مذكرة رسمية من الصحيفة إلى المجلس بتسهيل مهمتنا.

قد يعجبك ايضا