verticalelllllan
verticalelllllan

الفقر يغذي عمالة الأطفال

هناك ملايين الأطفال يعملون لمساعدة أسرهم بطرق لا تنطوي على ضرر أو استغلال ومع ذلك، تشير تقديرات اليونيسف إلى أن هناك حوالي 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً في البلدان النامية، وحوالي 16 في المائة من جميع الأطفال في هذه الفئة العمرية، ينخرطون في عمالة الأطفال، وتقدر منظمة العمل الدولية أن هناك نحو 215 مليون طفل دون سن 18 عاماً يعملون ويعمل كثير منهم بدوام كامل، في جميع أنحاء العالم، وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعمل واحد من كل 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام 17عاماً، مقارنة بواحد من كل 8 أطفال في آسيا والمحيط الهادي وواحد من كل  10أطفال في أمريكا اللاتينية.[1]

وتعزز عمالة الأطفال دورات الفقر بين الأجيال، وتقوض الاقتصادات الوطنية وتعرقل التقدم باتجاه تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية،[2] إنها ليست سبباً فقط، ولكنها أيضاً نتيجة لعدم المساواة الاجتماعية التي يعززها التمييز، فالأطفال من جماعات السكان الأصليين أو الطبقات الدنيا هم أكثر عرضة للتسرب من التعليم للعمل. كما أن الأطفال المهاجرين أيضاً معرضون للعمالة الخفية وغير المشروعة.

وعن الخلفية الاجتماعية والاقتصادية للمتسوّلين أنهم في الغالب من الفئات السكانية الفقيرة أو المعدمة والتي يكون فيها معيل الأسرة عاطلاً أو عاجزاً عن العمل، بخاصة أن معظم من جاء إلى المدينة مع أسرته كان يعمل في السابق في الزراعة أو في الصيد والرعي أو في بعض الأعمال الحرفية البسيطة، ويتحول إلى عاطل أو متسوّل أو قد يدفع بالأطفال والنساء إلى التسوّل وبسبب هذه الأوضاع المعيشية خرج إلى التسوّل أطفال ونساء وشباب لم تكن لهم علاقة بالظاهرة.

وما بين مطرقة سياسة الحرب الظالمة في إفقار المجتمع اليمني وسندان الوضع الاقتصاديّ المتردي، يذهبُ أطفال اليمن ضحيةَ الإهمال والاستغلال وسوء التعامل في سوق العمل، فكيف يتعامل القانون مع ظاهرة عمالة الأطفال؟

تشكل حقوق ورفاهية الطفل الشغل الشاغل للعالم أجمع ليس لكون الطفل إنسان بالدرجة الأولى له حقوق مثله مثل غيره من فئات المجتمع بل لكونه يقع بين فذة عمرية تحتاج وبشكل كبير للعناية والرعاية وتوفير كافة الحقوق ومنع كل أشكال العنف والاستغلال، فمن الإعلان العالمي لحقوق الطفل والذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1959م والذي نص على أحكام عدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنطبق على الطفل وأضاف أن الطفل ” يحتاج إلى حماية وعناية خاصة، وخصوصاً إلى حماية قانونية مناسبة، سواءً قبل مولده أو بعده”.[3]

وكان المنطلق الأساسي لهذا الإعلان هو أن البشرية مدينة للطفل بأفضل ما عندها من عطاء، وأن الآباء والأفراد والمنظمات التطوعية، والسلطات المحلية، والحكومات مطالبون جميعاً بالاعتراف بالحقوق والحريات المنصوص عليها وبالحرص على مراعاتها.

وتشير البحوث والدراسات إلى أن عدداً من الدول العربية قد تأثرت بإفرازات هذه الظاهرة لأسباب متعددة منها الفقر والبطالة وعدم المساواة في توزيع الثروة التي تعد الدافع الرئيسي لانتشار عمل الأطفال والانحرافات السلوكية وفقدان الأمان.

وفي هذا السياق تقول أحدى مراجعات البنك الدولي (حينما يسود الفقر وعدم المساواة في مجتمع ما تتزايد احتمالات انحراف الأطفال بالعمل كما تتزايد مخاطر استغلالهم )،[4] وفي اليمن نجد هناك ازدياد لأعداد أطفال الشوارع في السنوات الأخيرة وان كانت لا توجد دراسات وإحصائيات دقيقة عن حجم الظاهرة بسبب حداثة تناول الظاهرة فقد تركزت مجالات الدراسة والبحث في السنوات السابقة على النظر لمشاكل الأطفال من روئ قانونية كمنتهكين للقانون بما يعرف بالأحداث المنحرفين والمشردين والمتسولين والذين يقومون بأعمال هامشية ووفق النظرة العامة للمجتمع حيث توجد معايير اجتماعية للسلوك الإنساني منها الأعراف والعادات والتقاليد لكل مجتمع تعبر عن خصائصه وثقافته وأسلوب الحياة .

ويعاني أكثر من 78% من أطفال اليمن من الفقر والجوع والمرض بسبب الظروف الصعبة والقاسية التي تعيشها البلد منذ فترة طويلة كما تعاني معظم الأسر اليمنية من الفقر المدقع بسبب عدم توفر فرص عمل لأرباب تلك الأسر حسب منظمات عربية وعالمية، وهو الأمر الذي دفع ببعض أرباب تلك الأسر للزج بأبنائهم في مهن وحرف وأشغال تفوق أعمارهم بكثير ولا تتناسب معهم كأطفال، والبعض رموا أبنائهم في طريق مظلم ودفعوهم للتسول في الشوارع والجولات والجوامع والحارات وهي الظاهرة الأكثر والأسرع انتشارا في مجتمع فقير كاليمن.

العاصمة صنعاء كان لها النصيب الأوفر من تلك الظواهر حيث تشهد معظم شوارع العاصمة وجولاتها تجمعات كثيرة لإعداد فائقة من الأطفال والشيوخ العاملين أو المتسولين.

جولة القيادة في العاصمة صنعاء كانت هي المحطة الأولى للنزول الميداني لفريق الرصد للمؤسسة يمانيات” حيث يتواجد هناك عشرات الأطفال ما بين متسولين وبائعين وعاملين في محلات، وأشياء مختلفة.

الألم والقهر هما الشعور الأكثر الذي ينتاباك وأنت تستمع لرواياتهم وقصصهم وحكاياتهم عن الأسباب والظروف التي جعلت منهم متسولين أو باعة متجولين..

الحرب وفقدان ابي من أجبراني على العمل

طفل بعمر 16 عام  سبب تركي للمدرسة ولجوئي لهذا المكان وهذه المهنة يقول( منذ أن توفي والدي وأنا وأسرتي نعاني الأمرين ولم نكن نستطيع حينها توفير لقمة عيشنا أو تأمين قوت يومنا بسبب وفاة رب الأسرة والذي كان يتكفل بكل مصاريف العيش والدراسة والوضع البأس الذي وصلت له البلاد  ونزوح اسرتي من منطقة مفرق كعب بمحافظة تعز؛ وبرغم صغر سني وعدم حصولي على موهل تعلمي، سعيت جاهداً للبحث عن عمل يؤمن لي ولأسرتي لقمة العيش ولكن دون جدوى فقد سدت كل الطرق وأوصدت الأبواب أمامي؛ لذلك لجأت مضطراً إلى بيع السديهات في الشارع،  تركت التعليم وأقوم بذلك لأني كلما تذكرت أن هناك أم وأطفالها ينتظرون عودتي بفارغ الصبر وأنا احمل لهم الطعام أقوم بذلك دون تردد .

 

طمع ابي من دفعاني للعمل وترك الدراسة

طفل آخر يقول لمؤسسة يمانيات؛ طمع أبي وجهله من دفعاني للعمل وترك الدراسة فقد طلبت من والدي السماح لي بالدراسة صباحاً والعمل بعد انتهاء وقت الدراسة إلا أن طمعه وحبه للمال جعله يرفض ذلك قائلاً أنى أصبحت رجلاً وقد وجب على الذهاب للعاصمة للعمل والكسب لتحسين وضع أسرتنا ولمساعدته في توفير القوت الضروري للأسرة، في سني هذا لم أجد عملا سوى التسول وتجميع علب الماء والببس وبيعها كي احصل على المال الذي يبعد غضب ابي عني حين اعود المنزل.

عصام عبد الله جحاف بعمر 10 سنوات يقول لنا أبيع حبة العزيز في جولة التحرير من اجل تحسين وضعنا في المنزل ولا حاجة لي للدراسة، قال لي ابي ذات يوم أني قد كبرت وقد أصبحت رجلاً وقد وجب على الذهاب للعمل والكسب لتحسين وضع أسرتنا الفقيرة ولمساعدته في توفير قوت الأسرة، جهل أبي من دفعاني للعمل وترك الدراسة.

طفل آخر بعمر 11 سنة لم يعرف المدرسة ولا التعليم فمنذ صغره وهو يعمل ويتنقل من شارع لآخر ومن جولة لأخرى كون أسرته فقيرة لم تتمكن من شراء الزي المدرسي ولا الأحذية؛ هذا الصغير يعمل بجد طوال اليوم بمسح زجاج السيارات وأحيانا علب المناديل وأحيانا يقوم ببيع المياه للمارة وأصحاب السيارات حتى ساعة متقدمة من المساء مع اسرته.

ُيشار إلى أن منظمات دولية وحقوقية حذَّرت من ارتفاع نسبة عمالة الأطفال نتيجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية السيئة التي يشهدها اليمن.

وهؤلاء الصغار يعملون بجد؛ ما إن تتوقف السيارة في وسط صنعاء، حتى يهرع الأطفال اليها؛ واحد يرش سائلا على الزجاج الامامي، وآخر يمسح الزجاج الخلفي، واخرون يلتصقون بنافذة السيارة من جهة السائق طالبين منه المال، يحاول السائق تجاهلهم، فيرفع زجاج النافذة بعصبية، لكن الاطفال يكررون طلبهم مرة تلو الاخرى، على امل ان يبدل السائق رايه ليعودوا الى الرصيف بمبلغ يؤمن لهم وجبة طعام في مدينة تقف عند حافة المجاعة.

وفي اليمن، البلد الفقير الذي يعيش حرباً مدمرة منذ 3 اعوام ونصف، وجد هؤلاء الاطفال ومئات غيرهم من الفتية أنفسهم مضطرين للتسول من اجل تأمين الطعام لعائلاتهم بعد مقتل أولياء امورهم او فقدانهم مصدر رزقهم.

وفي تصريح لمؤسسة يمانيات” كشفت مدير عام عمالة الأطفال بالوزارة منى سالم عن تزايد عمالة الأطفال في الجمهورية اليمنية خلال العام الماضي من مليون و614 ألف طفل عامل في العام 2010م إلى أكثر من 3 ملايين طفل في العام المنصرم 2017م وفقا للمؤشرات الراهنة جراء تدمير المدارس وزيادة أعداد النازحين بسبب الحرب العدوانية التي تشهدها اليمن منذ مطلع العام 2015.

وبينت أن عمالة الأطفال تسبب الكثير من المشاكل من أبرزها تعرض الأطفال إلى أضرار صحية وجسمية وعقلية وأخلاقية فضلاً عن التسرب من المدارس وهجران التعليم وارتفاع نسبة الجريمة وانتشار عصابات الشوارع، وظهور حالات الإدمان لبعض المواد المتطايرة كمادة الشلك الصمغية خاصة لمن هم يعملون في ورش النجارة، إضافة إلى ظهور حالات نفسيه غير مستقرة لمن يتعرضون لتحرشات جنسية نتيجة بقائهم الى جانب البالغين خاصة لمن يعملون في اللوكندات ومطابخ المطاعم

وشددت مدير عام عمالة الأطفال على ضرورة وضع حلول سريعة وعاجلة للحد من عمالة الأطفال على المدى القصير تتمثل بثلاثة مستويات، المستوى القريب عبر تكثيف البرامج الإعلامية الهادفة رفع مستوى الوعي بخطورة عمالة الأطفال والمستوى المتوسط عبر تعديل المناهج الدراسية وتحسين العملية التعليمية وجعل المدرسة بيئة جاذبه للطفل، والمستوى البعيد المتمثل بحل مشكلة الفقر رغم أن هذا المستوى بعيد المنال في الظروف الحالية التي تعيشها البلاد والتي أدت إلى ارتفاع البطالة بين الكبار.

الفقر يغذي عمالة الاطفال تقرير ميداني صادر عن مؤسسة يمانيات للمرأة والطفل10/10/2018م

[1] الإعلان العالمي لحقوق الطفل صدر الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1959م.

[2] اليونيسيف 1997م.

[1] اليونسف 2011م.

[2] الوثيقة الختامية لقمة الأهداف الإنمائية للألفية 2010، ص 13

قد يعجبك ايضا